الأحد، 26 يونيو 2016

مراسم العزاء في السودان (بيت البكا)

في السودان بعد مراسم دفن الميت، تبدأ مراسم تلقي العزاء التي تستمر على الأقل ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث بعد صلاة المغرب تتم قراءة الفاتحة على المرحوم، ثم يبدأ شباب الحي أو أهل الفقيد بإنزال الصيوان، ولكن تبقى الكراسي تحت الأشجار وفي أركان الشارع لاستقبال الذين حالت ظروفهم دون الوصول خلال الأيام الثلاثة الرسمية للعزاء.
وهناك تقاليد راسخة وهي أن كل سكان الحي وأهل الفقيد بأسرهم كاملة لابد أن يكونوا متواجدين في بيت العزاء ويطلق عليه في السودان «بيت البكا»، وخلال هذا التواجد يستمر الحضور على مدار اليوم، حيث تجد من 100 إلى 150 شخصاً وقد باتوا داخل سرادق العزاء كنوع من المجاملة.، وفي هذا الصيوان الكبير تجد الأهل والجيران والأصدقاء ينامون ويصحون صباحا ويشربون الشاي ويتناولون في هذا المكان كل الوجبات فطارا وغداء وعشاء بينما النساء ينامون بداخل المنزل.
وطوال أيام العزاء تذبح الخراف والنساء يطبخن دون توقف. وخلال كل وجبة تخرج إلى السرادق عشرات الموائد مليئة بأفخم أصناف الطعام من اللحوم المختلفة وأشكال الطعام الأخرى.
وأغلب المعارف والجيران يتواجدون في بيت البكا بعد عودتهم من عملهم.. وتجد داخل الصيوان كل مجموعة من الأصدقاء أو المعارف يعقدون حلقة عريضة للنقاش كل حسب اهتمامه،.
في السودان تقديم العزاء لا يتوقف عند كلمة «البقية في حياتكم» ولكن قبلها لا بد من رفع الأيدي وقراءة الفاتحة مع أهل وأقرباء الفقيد .
ومن ثم الجلوس داخل هذا الصيوان لأطول فترة ممكنة لتناول الشاي السادة والقهوة، ثم يبقى إلى حين تناول وجبة الإفطار أو الغد اء أو العشاء حسب وقت حضوره للعزاء وهذه يحمدها له أهل الفقيد باعتباره كان مجاملا لحد بعيد.
ومن ثقافة «بيت البكا» في السودان تجد أغلب المعزين الذين يتوافدون لتقديم العزاء يلبسون الجلباب الأبيض والعمة، وهذا السرادق ليس بالضرورة أن يجمع الأهل والأصدقاء أو المعارف فقط.
ولكن كل من يعد قريبا من الصيوان يقدم واجب العزاء ويجلس يشرب الشاي، وإذا كان مجيئه تصادف مع موعد إحدى الوجبات يتناولها ثم بعدها يرفع الفاتحة ويذهب وحتى بعد خروجه فهو لا يعرف من هو الفقيد أو أيًا من أهله.
دائرة معارف
ويعد «بيت البكا» دائرة معارف من الممكن أن تلتقي داخل هذا الصيوان بالرئيس والوزير والخفير والغني والفقير وكلهم يتساوون في كل شيء هناك، كل يجلس بجانب الآخر يشربون الشاي.
ويأكلون على مائدة واحدة، وخلال ذلك ترد كثير من المعلومات فإذا كان من جاء لتقديم واجب العزاء له وضع في السلطة يبدأ الحوار معه حول كل ما يشكو منه الناس ويسألون عن مشروعات كانت مطروحة.
والأطرف أنك قد تجد من بين هؤلاء كثيرين من أصدقائك أو معارفك لم تراهم منذ سنوات لمشاغل الحياة أو لبعد سكنهم عن بعضهم ولكن في حالات الوفيات لا عذر مطلقا، فلابد أن يحضر العزاء والعرف السائد في السودان «العزاء واجب» لا مفر منه ولا عذر فيه.
يوم الرفع
وعادة لا يأتي الشخص مرة واحدة للعزاء بل يوميا لا بد أن تأتي إلى «بيت البكا» وتجلس في ذلك الصيوان .ولكن في اليوم الثالث يطلق عليه «يوم الرفع» ويعني «رفع الفراش» وفي هذا اليوم قبل صلاة المغرب لابد من تواجد كل الأهل والمعارف والأصدقاء.
ويصلون المغرب ويقرأون الفاتحة ثم يأتي الشباب لإنزال الصيوان (السرادق) وليس معنى ذلك أن العزاء قد انتهى ولكن يتم نقل أماكن الكراسي والفرش إلى أركان الشارع المختلفة في كل ركن مجموعة من الكراسي..
ويبدأ توزيع الشاي على الحضور مع «اللقيمات» أو كما يطلق عليه «الزلابية» ثم يتواصل العزاء حتى اليوم السابع، ثم ينقل بعدها العزاء إلى منزل المتوفى أو أحد منازل الجيران ليبدأ مرة أخرى بعد انتهاء دوام العمل. ويطلق على «رفع الفراش» «يوم الصدقة» الذي تنحر فيه الذبائح وتوزع اللحوم على المساكين والفقراء 
المصدر : http://www.sudaress.com/alrakoba/20275
.

الأربعاء، 22 يونيو 2016

تاريخ الاكلات الشعبية السودانية

البامية
 أفادنا الدكتور عبد الله الطيب بمعلومات قيمة حول تاريخ أنواع الأكلات الشعبية في السودان. فهو يقول إن الطبيخ أي المُلاح (الإدام) الذي يصنع من الخضروات كالبطاطس والفاصوليا لم يعرف في السودان إلا في ظل الحكم التركي المصري، وكذلك العدس والفول المصري. وإن الكسرة والعصيدة هي الأكلات الشعبية التي كانت سائدة قبل ذلك في السودان الشمالي. تؤكل بمُلاح "أم شعيفة" أو "أم بُلط" و مُلاح "السخينة" وأحيانا "الشرموط" أي القديد. ومصداقا لذلك أننا لا نجد بكتاب "الطبقات" لود ضيف والذي أُلِف في عهد مملكة سنار أي إشارة إلى أي نوع من الطبيخ. هنالك فقط الكسرة والعصيدة والمديدة ومُلاح الويكة(البامية الناشفة) والخُضرة "الملوخية".
 ويضيف ان العصيدة بشكلها المعروف الآن ومُلاح "التقلية" لم تكن معروفة بمناطق حوض النيل. وهو يقصد بذلك أن عصيدة أهل بحر النيل، لينة وأقرب الى المديدة، وليست جامدة القوام مثل عصيدة أهل دارفور وكردفان. وأن أصل التقلية يرجع إلى هذه المناطق. الحقيقة أن مهارة أهل دارفور في صنع ملاح العصيدة مثل التقلية وغيرها معروفة.
ورد بلسان العرب: "المِلْح: ما يطيب به الطعام، وقد مَلَحَ القِدْرَ يَمْلِحُها ويَمْلَحُها مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيها مِلْحاً بقَدَرٍ. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر الإِصلاح.... والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ: يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به". – انتهي. و"يُخفق" مُلاح العصيدة بالمفراك أو المفراكة وهي عربية.
عصيدة بالتقلية
والكِسرة تُطلق أحيانا لكل من الكِسرة والعصيدة، فاذا أرادوا التمييز قالوا كسرة رهيفة أو كسرة خمير. والكسرة تُعاس بـ"القرقريبة" على صاج العواسة أو الدوكة. أما العصيدة فتُساط بالمسواط. ورد في لسان العرب: " السَّوْطُ: خَلْطُ الشيء بَعْضِه ببعض، ومنه سمي المِسْواطُ. وساطَ الشيءَ سَوْطاً وسَوَّطَه: خاضَه وخَلَطَه وأَكثَرَ ذلك. 

أما عن الكِسرة فقد جاء في اللسان: "والكِسْرَةُ القِطْعَة المَكْسورة من الشيء، والجمع كِسَرٌ مثل قِطْعَةٍ وقِطَع. والكُسارَةُ والكُسارُ: ما تَكَسَّر من الشيء. وهذا كله في المعنى العام ولكن الكِسرة بمعنى الخبز السوداني ورد في قوله في ذات المادة: ".. وفي حديث العجين: قد انْكَسَر، أَي لانَ واخْتَمر. وكل شيء فَتَر، فقد انْكسَر؛ يريد أَنه صَلَح لأَنْ يُخْبَزَ". إذن سُميت الكِسرة من انكسار العجين أو الخمير وصيرورته جاهزا لأن يٌخبز ويٌعاس. والعواسة من عاس يعوس عوسا أي يقوت ويقتات. 


ويقول عبد الله الطيب إنه قبل انتشار استعمال الطواحين الحديثة كانت هنالك "المُرْحَاكة". والمرحاكة معروفة على نطاق واسع بالسودان الشمالي وبذات الاسم وهي الرحى عند العرب. وكانت واسعة الانتشار عندنا إلى وقت قريب وكان البعض يتمسك بالمرحاكة خوفا من اختلاط غلته، بغلة الغير في الطواحين. غير أن أهل دارفور يغلب عليهم استعمال "الفُنْدُك" في طحن العيش (الذرة)، يسمون العيش المفندك "الدامرقة". ولذلك فان الفندك ليس مقصورا على أهلنا الفلاتة، كما ورد عند عبد الله الطيب. والآن يبدو ان الفندك نفسه قد اختفى كما اختفت المرحاكة قبله، وذلك بسبب انتشار "السّحانة".
وكانت الكسرة تُعاس على سطح فخاري يسمى "الدُوكَة" وذلك قبل انتشار صاج الحديد. والدوكة كما يقول عبد الله الطيب غير عربية. وتُتخذ الدوكة كذلك اسم علم مذكر. واللفة هي اللفافة الواحدة من الكسرة الرهيفة، ولكنه لم يورد الاسم الاخر لها وهو "الطَرَقة". وسُميت طرقة تشبيها لها بـ"طَرَق" أي صفق، بعض الأشجار العريض كالعُشر.

ملاح الخدرة و الكسرة

 منقول من :
قراءة في كتاب " العادات المتغيرة في السودان" وترجمته
البرفسورعبد الله الطيب

السبت، 18 يونيو 2016

عادات وتقاليد الزواج في السودان


يبدأ اهتمام المجتمع السوداني بالفتاة بمجرد أن ‏تبلغ سن الثالثة عشرة، فتقوم الأم بتعليمها كيفية تصفيف شعرها وهو أشهر ما يميز المرأة السودانية، ثم تدرج إلى تعليمها دروس الطهي ‏ ‏وأهمها  "الكسرة"، وهي عجينة من الذرة توضع في إناء خاص يسمى "الصاج".‏ وخلال هذه الفترة الحرجة بالنسبة للفتاة الصغيرة يقل خروجها بشكل عام، ويعني ذلك أن الفتاة بلغت سن الزواج،  ويعتبر بمثابة ‏دعوة للشباب للتقدم للزواج منها .‏‏ وللزواج السوداني العديد من العادات المتفردة التي بدأ بعضها في الاندثار في ‏ظل التطور العام، ولكن معظمها لا يزال باقيا في الريف ووسط الأسرة التقليدية، وقد ‏ساهم تماسك النسيج الاجتماعي على استمرار معظم عادات الزواج في المجتمع السوداني. 
فطلب يد الفتاة للزواج له أصول وترتيبات، فالشاب عندما يسمع أن الأسرة الفلانية لها بنت في سن الزواج يرسل لها امرأة لتصف له ملامحها وأوصافها ‏ أولا، وبعد أن يوافق وتوافق أسرة الشاب على ‏اختياره، يتولى والده مهمة إبلاغ والد الفتاة الذي عادة ما يطلب إمهاله مدة ‏أسبوعين للتشاور مع الأسرة، وخلال هذه الفترة تجري مشاورات لمعرفة إن كان هناك من ‏يريدها من أبناء عمومتها، وإن لم يوجد تعطى الموافقة.‏
وقبل تحديد موعد للزفاف، تأتي أم العريس ومعها بناتها المتزوجات وأخواتها إلى ‏والدة العروس لتطلبها مرة ثانية من أمها، ويأتي إعلان الموافقة بعبارة معهوده وهي: ‏"خير وألف خير، أعطيتك البنت لتكون ابنة لك وزوجة لابنك" وبعد سماع هذه الجملة ‏ ‏تقوم أم العريس بوضع مبلغ رمزي من المال، وهذه العادة تسمى "فتح الخشم" أو "قولة ‏خير" أي تقديرا لوالدة العروس التي رحبت بأهل العريس وقالت لهم قولا طيبا.
‏ ‏وتنطلق بعد ذلك الاستعدادات للزفة الكبرى، حيث تقوم أسرة العريس بتقديم ‏ما يعرف بـ (الشيلة) لأسرة العروس، وهي عباره عن مهر العروس من المال ‏والملابس والعطور والذهب وكافة المأكولات التي ستقدم للضيوف في يوم  العرس، وعند إحضارها يتم تحديد موعد عقد القران.‏ 
وتقوم والدة العروس بحبس ابنتها مدة تصل لثلاثة أشهر في داخل غرفة لا تصلها ‏فيها الشمس، وتحفر لها حفرة عميقة يوضع بداخلها إناء فخاري كبير تدس داخله أعوادا ‏من أشجار "الطلح والشاف" وتشعل فيها نارا هادئة لتجلس العروس على حافة تلك ‏الحفرة بعد أن تخلع جميع ملابسها، وتلتف بقطعة كبيرة من قماش الصوف الوبري الخشن ‏تسمى "الشملة" ويمسح جسمها بزيت خاص ولا تقوم من تلك الحفرة حتى يتصبب منها العرق ‏ ‏بكميات كبيره لمدة تتجاوز الساعتين، وتسمى هذه العادة "بالدخان"، وهي عبارة عن حمام ‏ ‏بخار، وتداوم العروس خلال هذه الفترة على فرك جسدها بعجينة من الذرة والزيت تسمى ‏"اللخوخة" لنعومة البشرة وصفائها.‏
وأثناء فترة حبس العروس تقوم والدتها وخالاتها وعماتها بإعداد العطور الخاصة ‏بها، وهي أنواع متعددة من المسك والعنبر والصندل والمحلب وغيرها، وتصنع من هذه ‏ ‏المواد عطر قوي الرائحة يسمى "الخمرة"، ثم يجهز عطر يتكون من عطور خام مغلية بزيت خاص، ثم تعد لها حبات الدلكة وهي قطع من عجين القمح ‏ ‏والمسك معطرة في شكل دوائر لتدليك الجسم.‏‏ وقبل ثلاث ليال من يوم الزفاف تجهز الغرفة التي بها العروس إيذانا ببدء مراسم ‏وضع الحناء ونقشها على يديها وقدميها من قبل امرأة متخصصة بهذا العمل تسمى ‏"الخنانة"، وتشمل تجهيزات الغرفة وضع "جريد النخيل الأخضر" الذي تزين به الجدران ‏في أشكال بديعة، ثم تفرش أرضية الغرفه بسجاد أحمر اللون، ويؤتى بسرير من الخشب ‏ ‏المخروط يوضع فوقه بساط من سعف النخيل يسمى "البرش" مطلي باللون الأحمر، وتجلس عليه العروس ‏مرتدية الثوب السوداني المعروف، ويكون أيضا أحمر اللون، وتوضع أمامها صينيه خاصة ‏مزينة بالورود الحمراء تعرف بـ "صينية الجرتق" عليها صحن مخلوط فيه الحناء ‏وزجاجات من الصندلية والمحلبية والسرتية، وهي مواد تستخدم في وضع الحناء، وتبدأ ‏ ‏الحنانة في نقش أشكال مزخرفة جميلة، وأثناء الرسم تغني صديقات العروس أغنية مشهورة ‏"العديل والزين".
‏ولا يقتصر وضع الحناء للعروس فقط، بل توضع كذلك للعريس قبل يومين من ‏‏ليلة الزفاف على أنغام الغناء الشعبي، ويرتدي الزي الشعبي "الجلابيه والسروال ‏الطويل والشبشب الأبيض" ويقوم أصدقاؤه خلال الحفل بإعلان تبرعاتهم المالية ‏للعريس، ويطلق عليها"الكشف"، وهي تفوق بعض الأحيان تكاليف الزواج وما أنفقه العريس ‏في التجهيزات الأوليه لزواجه.‏‏ ويأتي اليوم المحدد لعقد القران يكون في منزل أهل العروس، حيث تذبح الخراف ‏والثيران، وتقام مأدبة كبيره تحتوي عادة على اللحوم والخضر بأنواعها المختلفة، ويتم ‏عقد القران عادة في أقرب مسجد لمنزل أسرة
العروس، ويكون عقب صلاة العصر، وبعدها ‏تطلق بعض الأعيرة النارية من جهة الرجال، يقابله صوت الزغاريد من جهة النساء ‏ ‏وصرخات الأطفال وهم يلتقطون قطع الحلوى والتمر التي تقذف في الهواء.‏ وفي المساء تبدأ ليلة "الدخلة" التي ينتظرها العريس بشوق وتترقبها العروس بشيء ‏من الخوف والحياء، وتبدأ طقوسها بـ (لبس العروسة) ويكون في غرفة مغلقة، وتقوم امرأة ‏تدعى ‏"المزينة" بعملية نظافة كاملة للعروس، وتساعدها في ارتداء ثوب الرقص، وهو فستان ‏قصير جدا وبدون أكمام ومفتوح الصدر من قماش فضي لامع يسمى "السكر سكر" لبياضه ‏ونعومته، ثم تزين
بالحلي الذهبية من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، وأهم زينة العروس ‏في هذه الليلة "الرحط"، وهو مجموعة من خيوط الحرير الحمراء اللامعة توضع في شكل ‏حزام على خاصرة العروس، ثم تغطى بثوب من القماش الأحمر به العديد من تشكيلات ‏ ‏الألوان الزاهية يسمى "الفركة والقرمصيص" وقبل خروجها تتعطر بجميع العطور التي صنعت ‏خصيصا  لهذه الليلة، ثم تخرج وتجلس بجوار عريسها لتبدأ طقوس "الجرتق"، حيث توضع "الضريرة" وهي مسحوق من العطور الجافة على رأس كل منهما، ويتبادلان بعد ذلك "بخ ‏اللبن" على بعضهما تفاؤلا من الأهل بأن حياتهما الزوجية ستكون بيضاء نقية خالية ‏ ‏من المشاكل، ثم تخلد العروس للراحة بعيدا عن عين ورقابة العريس حتى تأخذ ‏راحتها من التعب الحاصل بسبب الجلوس للزينة، وبعدها تخرج مع عريسها إلى المنزل في موكب كبير من الأهل، وبدخولها عش الزوجية السعيد يتفرق الأهل والأحباب ‏بعد وداع العروسين بدموع الفرح والدعوات  .
المصدر: http://vb.3dlat.net/

الأربعاء، 15 يونيو 2016

من عاداتنا وتقاليدنا السودانية الرجالية ( لبس العمة والشال )

تاريخ العمامة السودانية والشال.


يذكر المؤرخون المتخصصون في تاريخ الكوشيين أن الكوشيون لبسوا تيجان ملوك وادي النيل بإعتبارهم من نفس السلالة (الحامية) القديمة التي أنشأت حضارة وادي النيل.  -   بالإضافة الي هذه التيجان القديمة المشهورة إبتدع الكوشيين أنواع أخري من تيجان الرأس خاصة بهم تكشف عن طبيعتهم المحلية وما زالت لها أثر حتي اليوم مع إستحداث زمني معروف (Update) وهو ما يعرف بـ (تاج الطاقية =Skull Cap). - الترجمة الصحيحة من جانبنا هي طاقية الرأس لأن اللفظ الإنجليزي Cap يعني الطاقية واللفظ الإنجليزي Skull يعني الجمجمة ولكن نلتزم بما ورد في المصدر. هذا التاج كان الكوشيين يلبسونه في مناسبات التتويج كما هو واضح في لوح النصر للملك (بعنخي) حيث يظهر ضمن التيجان التي يقدمها الإله (النتر) آمون ويتكون هذا التاج من جزئين:- الأول: عبارة عن طاقية تغطي الرأس بإحكام وتنزل علي الجبين ولها لسانان صغيران يلتفان من أمام الأذنين وفي بعض التماثيل يتعذر رؤيتها إلا بالتدقيق حيث تلتحم مع الرأس. - تشبه الطاقية أم قرينات التي إرتداها حكام الفونج وهذا في حد ذاته مدعاة للقول بالإستمرارية التاريخية لهذا التقليد. الثاني: عبارة عن عُصابة عريضة (منديل مستطيل) تُلبس علي الجبهة ويربط طرفاها من الخلف ومن ثم يتدليان علي الكتف. أنظر المصادر أدناهـ:- - رونوكو رشيدي المصدر المذكور في الفقرة الأولي.  - أنتا ديوب. الأصل الأفريقي للحضارة. التصاوير التي وجدت لهذه الطريقة في إرتداء هذا التاج تصاوير لعُصابات مزخرفة وأخري غير مزخرفة وفي الحالة الأولي تكون الزخرفة بصف من الأفاعي في الجزء الأمامي من العُصابة وكذلك يثبت علي مقدمة العُصابة زوج تماثيل من الأفاعي. - ما يلاحظه كاتب المنشور أن زوج الأفاعي يرمز للشارة القديمة للأفعي والحداءة اللتين تزينان التاج المزدوج منذ الأزل وتسميان السيدتين وهما أحد الألقاب الخمسة التي تلقّب بها ملوك وادي النيل (ودجت) و(نخبت) الأولي الأفعي ترمز للشمال والثانية الحداءة ترمز للجنوب فهل مخلفات الآثار طمست إحدي الرمزيتين بحيث صعب التفريق بين الأفعي والحدأة أم أن الكوشيين أصروا علي أفعتين للتأكيد علي سيادتهم علي شمال الوادي متجاهلين سيادتهم علي جنوب الوادي لأنه أصلا تحت سيادتهم لا ينازعهم فيه أحد؟!. يقول المؤرخون أن الملك (بعنخي) كان يلبس هذه التاج عندما قام بإستعادة السيطرة علي شمال الوادي من الأمراء المتمردين بقيادة (تف نخت) أمير صايص وذلك حوالي 747-716 ق.م وأن ملوك الدلتا المهزومين قد قلدوه فظهروا في تماثيل يلبسون هذا التاج السوداني وكذلك الملك كاشتا ظهر في نقش في الفنتين (أسوان) جزء من رأسه يلبس عليه تاج الطاقية هذا وكذلك ظهر الملك ترهاقا في أحد التماثيل وهو يلبس تاج الطاقية هذا ومن تحتها يظهر شعره الطبيعي وكذلك ظهر يلبسها الملك شبتاكا.   بالنظر الدقيق لهذا الوصف لهذا التاج المسمي (تاج الطاقية) نجده بكل بساطة أنه أصل الطاقية والعمامة اللتان ما زال السودانيين يلبسونهما حاليا. فحاليا يقوم الرجل السوداني بتثبيت طاقية من القماش سواء كانت مخرمة أو غير مخرمة وغالبا ما تكون بيضاء مع جواز اللون الأخضر عند الصوفية علي رأسه حتي تصل الي أطراف أذنيه ويظهر من تحتها بقية شعره... المنسدل علي فوديه ومؤخرة رأسه ثم يقوم بعد ذلك بلف شريط طويل ولا يتجاوز عرضه سبعة سنتمترات من القماش الذي غالبا ما يكون ذو لون أبيض مع جواز اللون الأخضر عند الصوفية ويلفه علي شكل أكوار رأسيه أكثر من ثلاثة مرات علي الأقل ومن الملاحظات أن كبر حجم العمامة يدل علي كبر درجة الرجل الإجتماعية. - هو مجرد زهو إشتهر به السودانيين المحبين للفخر؟!. أليس لنا أن نقول بدون الحوجة للتحلي بجسارة مفرطة في الإفتراض أن الطاقية والعمامة الحاليتين مستمدتان من تاج الطاقية المذكور بوصفه في الفقرات أعلاه فقط بإستثناء أو إستبعاد جزئية اللسانان اللذان ينزلان علي الأذنين وهذين كانا موجودين حتي أواخر دولة الفونج (الطاقية أم قرينات) وبإستثناء أو إستبعاد جزئية الزخرفة علي العُصابة وهي أصل العمامة وحتي هذه نجد حتي الآن من يزينون عمائمهم بشراشف مزخرفة ذهبية وفضية علامة علي وضعهم الإجتماعي والمادي المترف وأن التقليد تطور حتي شكله الحالي حيث غلُظت الطاقية وكبُرت العمامة؟!. بل أكثر من ذلك فإن عقدة شريط العُصابة الذي يتدلي علي الكتف هو نفسه ما نسميه الآن (عَزَبَة) وهو طرف العمامة الثاني الذي يلقي به الرجل خلف كتفيه سواء منفردا أو بكلا الطرفين ويختال مزهوا به. بل حتي أن العريس ليلة حِنّته يرتدي هذه العُصابة التي هي أصل العمامة كما أن الطفل الذكر ليلة خِتانه يرتديها والفرق فقط هو إستبدال زوج الأفاعي بالهلال الذهبي تماشيا مع الثقافة الإسلامية وحتي الهلال له حظ عظيم كرمز من رموز حضارتنا ولكن لا يتسع المجال للحديث عنه. إذن يمكن أن نقول ببساطة ورغم النصوص التراثية التي تدعي أن الطاقية والعمامة من أصل عربي وإرتكازا علي الأسبقية التاريخية التي سنذكرها أدناه أن الطاقية والعمامة هما من أصل سوداني مستمد من تاج الطاقية (Skull Cap) الذي إبتدعه الكوشيين منذ أول ملك لهم ظهر ممسكا بزمام الأمور وهو الملك كاشتا (760-747 ق.م) وذلك قبل حتي أن تستوي التسمية العرقية التي تشير الي العرب حيث أن العرب كقومية تسمّت بإسم عرب لم يكتمل وجودها وظهورها إلا قبل ظهور الإسلام (القرن 7م) بقليل وقبله كانوا قبائل متفرقة تتسمي كل قبيلة بإسم خاص بها وليس لهم جماعة قومية بينما نلاحظ أن تاج الطاقية ظهر عند أسلافنا الكوشيين في القرن الثامن قبل الميلاد أي قبل أربعة عشر قرنا من ظهور العرب كجماعة قومية لها عاداتها وتقاليدها المحكمة.

العيد في السودان

صلاة العيد
 يبدأ الاحتفال بالعيد في سوداننا الحبيب مبكراً  حيث يستشعر من يزور هذا البلد العظيم قرب حلول أيام العيد من الأجواء الجميلة التي تعم الشوارع والبيوت والمحال التجارية، ففي عيد الفطر مثلا تبدأ الاستعدادات والتحضيرات له منذ منتصف شهر رمضان المبارك، ومن بين أهم الاستعدادات: تحضير أكلات العيد وحلوياته 
 -  تشتهر دولة السودان بالعديد من أنواع الحلويات المميزة، إلى جانب ما تشترك به الدول والمجتمعات العربية من خبز وكعك وما إلى ذلك حيث تصنع كميات كبيرة من هذه الحلويات والأكلات المميزة حتى يُكرِم صاحب البيت زواره في هذه المناسبة العظيمة. يمتاز الشعب السوداني بطبيته، ونقائه، لهذا فمناسبة العيد تعتبر من المناسبات التي تغسل أية أضغان امتلأت بها القلوب خلال العام فبعد أن تؤدى صلاة العيد في الجوامع والساحات المخصصة لذلك من قبل الجميع رجالاً ونساءً وكباراً وصغاراً.
الفطور الجماعي مع الجيران
    يشرع السودانيون من فورهم بتبادل التهاني، فيصفحون عن بعضهم البعض، ويرجعون أخوة متحابين. من العادات الجميلة في فترة العيد في السودان، توافد كافة رجال الحي الواحد في نسبة كبيرة من القرى عند أكبر رجل من رجالات الحي، أو في أي مكان متعارف عليه مسبقاً، فيحمل كل واحد منهم ما رزقه الله إياه من طعام الإفطار، ثم بعد ذلك يذهبون لتقديم التهاني للمرضى الذين أقعدهم المرض عن الاستمتاع بمباهج العيد، ولكبار السن الذين لا يستطيعون التنقل، ومن هنا يقضي السودانيون يوم العيد الأول في تبادل التهاني بين الجيران، والأصحاب. وبعد أن يصلوا العصر، تبدأ زيارات الأهل والأصدقاء الذين يقطنون في أحياء بعيدة.
-      من شدة سعادة الشعب السوداني بمجيء العيد، فإن هذه الزيارات، والرحلات العائلية، والأوقات الجميلة تستمر لأيام من شهر شوال، كما ويحب السوادنيون في هذه المناسبة قضاء بعض الأوقات على ضفاف نهر النيل. ومن العادات المميزة والمحببة لدى هذا الشعب كما في باقي الشعوب العربية عادة العيدية، وهي الهدية النقدية التي يعطيها الكبار للصغار، وللأرحام من النساء.


الثلاثاء، 14 يونيو 2016

بالصور العادات والتقاليد السودانية 2

ومن العادات والتقاليد أيضا ..الزي السوداني التقليدي (للنساء)

وهو التوب السوداني كما يقال عنه في السودان هو الزي الرسمي للسودانيات ، وهو زي يغطي جسم المرأة من ساسها إلى رأسها وعادة يكون من اقمشة (توتل) أو(حرير) أو أنواع أخرى متعددة وتوب الحرير هو التوب المفضل للعروس السودانية حيث توجد منه موديلات بألوان زاهية وتشكيلات رائعة منها التياب اللامعة التي تلبس عادة في السهرات والتياب الملونة بألوان هادية تلبس نهارا، والنساء من عمر أربعين سنة يفضلن تياب ال(توتل) لأنها أكثر وقارا وحشمة وأيضا تتعدد تشكيلات هذا النوع أيضا والتي تعرض في محلات الأقمشة ومحلات التياب.

الزي التقليدي السوداني (للرجال) الجلابية هي عمدة الزي القومي السوداني، وهي ليست الزي الوحيد بالسودان المترامي الأطراف، الزاخر بالتنوع الإثنى والثقافي والمناخي، وإنّما أصبحت تمثل زي السودان القومي، والجلابية السودانية هي بالطبع زي رجالي صرف إلاّ أنها ليست على شاكلة واحدة وإنّما هي أشكال عدّة، وتقف خلف هذا التعدد عوامل كثيرة منها المناخي، ومن هذه العوامل أيضاً عوامل تاريخية ودينية ومهنية و(جمالية) وهذا التعدد في الأشكال لا يسلب الجلابية شيئاً يذكر وإنما هو مجرد تغييرات طفيفة في الطول والقصر، أو في الضيق واتساع الأكمام وما إلى ذلك.